السؤال:
قال البخارى رحمه الله : باب
هل يقول كسفت الشمس أو خسفت؟ قال الزين بن المنير: (أتى بلفظ الاستفهام اشعارا منه
بأنه لم يترجح لديه شئ. وهذا الصنيع من البخارى رحمه الله كثير في كتابه أن يورد
الترجمة بلفظ الاستفهام. فكيف يتم استخراج فقهه هنا من هذه الطريقة فى التبويب.
وأيضا: حينما يأتى بالترجمة
بدون جزم لفقهه كأن يقول: باب سجدة تنزيل السجدة أو باب سجدة ص، والمسألة خلافية أيضًا؛
هل يسجد هنا في ص أم لا فكيف نعرف فقه البخارى هنا ومراده مع أن هذا يحصل كثيرًا
فى تبويبه؟
الجواب:
البخاري لم يصرح بمنهجه في التبويب وإنما كل هذا من استنباطات الشراح فتكون من الظني المحتمل, ومع ذلك درس بعضهم أنواع تراجمه رحمه الله: فجعلها كالتالي:
أولا:
التراجم الظاهرة: وللبخاري
مسالك متعددة من التراجم الظاهرة اشترك فيها مع غيره، وهي:
1- الترجمة
بصيغة خبرية عامة: وذلك
بأن تكون الترجمة عبارة تدل على مضمون الباب بصيغة خبرية عامة تحتمل عدة أوجه، فتدل
على محتوى الباب بوجه عام، ثم يتعين المراد بما يذكر من الحديث في الباب.
2- الترجمة
بصيغة خبرية خاصة: وذلك
بذكر مسألة محددة في الباب، دون أن يتطرق إليها الاحتمال.
3- الترجمة
بصيغة الاستفهام: وذلك
بأن تكون ترجمة الباب مصوغة على عبارة من عبارات الاستفهام.
وهذا
المسلك عند البخاري أكثر وجودًا ودقة من غيره.
ما المقصود
من الاستفهام؟
ما
يتوجه بعد في الباب من النفي أو الإثبات.
لماذا عبر
بهذه الصيغة؟
1-
إثارة لانتباه الذهن.
2-
إعمالاً للفكر.
متى يعمد
البخاري إلى الترجمة بصيغة الاستفهام؟
1-
عندما تكون مسألة الباب موضع اختلاف تحتاج للبحث والترجيح.
2-
عندما تكون مسألة الباب هي موضع اتفاق العلماء فيكون المقصد من هذه الترجمة:
أ-
اقتباس الترجمة من حديث الباب: وذلك بأن يجعل لفظ الحديث المروي في الباب ترجمة له،
كله أو بعضًا منه.
ب-
الإخبار عن بدء الحكم وظهور الشيء: وذلك أن البخاري يترجم في أول بعض الموضوعات
ببدء ذلك الأمر وظهوره.
ولمثل
هذا التنصييص فائدة كبيرة في تاريخ التشريع، وغير ذلك من الفوائد التي يستفيدها
العلماء.
ومن مميزات
تراجم البخاري الاستنباطية: أنه
في استنباط الأحكام والفوائد في تراجمه يتصرف في الأحاديث على طريقة الفقهاء، من
تأويل لنص وتفسير لمشكل –مثلاً– ويسلك في ذلك طريق الإشارة فيظن بعض الناس أنه ليس
هناك ارتباط بين الحديث والترجمة، ولكن إذا تأمل وجد ارتباطًا قويًا.
ثانيًا:
التراجم المرسلة: متى
يستعمل البخاري هذا النوع من التراجم؟
يستعمل
البخاري هذا النوع من التراجم على وجهين من التناسب:
1- أن
يكون مضمون الباب متصلاً بالباب السابق مكملاً له، فيفصل لفائدة زائدة في مضمونه، فيكون
بمنزلة الفصل من السابق.
2- والكثير
الغالب أن يكون ضمن الباب فائدة تتصل بأصل الموضوع الذي عنون له بـ (أبواب) ويكون
قد ذكره عقبه لهذه الملابسة. ومثل ذلك كثير في الكتاب، وربما تكلف الشراح عقد
الصلة لهذا النوع من الأبواب بما قبلها.
ثالثًا:
التراجم المفردة: قال
الحافظ ابن حجر: (وربما اكتفى بلفظ الترجمة التي هي لفظ حديث لم يصح على شرطه، وأورد
معها أثرًا أو آية، فكأن يقول: لم يصح في الباب شيء على شرطي).