السؤال:
أجمعوا على
أنه يجوز له أن يجتهد فيما يتعلق بمصالح الدنيا وتدبير الحروب ونحوها، حكى هذا
الإجماع سليم الرازي، وابن حزم، مثل عزمه صلى الله عليه وسلم على ترك تلقيح ثمار
المدينة، وكذلك مصالحة غطفان على ثلث ثمار المدينة ومنزل الجيش يوم بدر ونحو ذلك.
- ما
اجتهاده في غير ذلك، فقد
ذهب معظم علماء السنة إلى اجتهاد النبي صلى الله عليه وسلم فيما لا نص فيه
كالشافعي والإمام أحمد ويوسف القاضي وأكثر الشافعية كما قال السبكي في الإبهام، بل
وقال البعض أنه يخطئ في اجتهاده هذا كما قال أبو إسحاق في اللمع في أصول الفقه.
أرجو من
فضيلتكم توضيح المسألة لنا بارك الله فيكم.
الجواب:
ينبغي تحرير
محل النزاع في هذه المسألة:
فأقول:
1. يجوز اجتهاد النبي صلى الله عليه وسلم في أمر
الدنيا، وقد وقع، وقد حكى الإجماع عليه سليم الرازي وابن حزم وابن مفلح والزركشي
والمرداوي والشوكاني.
2. نقل القرافي الإجماع على أن الأقضية يجوز فيها
اجتهاد النبي صلى الله عليه وسلم، وخالفه في هذا الزركشي.
3. ليس للنبي صلى الله عليه وسلم اجتهاد في الأصول
العامة وكليات الدين، وإنما في الفروع كما
ذكره الغزالي.
4. المسائل الشرعية التي ورد فيها نص لا اجتهاد فيها
مع النص، والخلاف كان فيما لم يرد فيه نص.
أما
الجواز العقلي فهو جائز، وأما الوقوع فقد وقع واجتهد والدليل أن الله عاتبه على
بعض اجتهاداته كأسرى بدر.
بقي هل يقع صلى الله عليه وسلم في الخطأ؟
الجواب: نعم، وهذا دليل بشريته، ولكن الله يبين حكمه أو يعاتبه
كما ورد، ولم يخالف في هذا إلا بعض المبتدعة فقالوا: بعد جواز اجتهاده ومنهم من أجازه ولكنه لم يقع، ومنهم من قال بوقوعه ولكنه معصوم، وكلها أقوال ضعيفة وما ذكرته هو قول أهل
السنة.