المقال

:: الأوصاف التي في حديث سالم مولى أبي حذيفة: ::

3411 | 18-08-2020

الأوصاف التي في حديث سالم مولى أبي حذيفة:

هذا المثال من أجمل الأمثلة في مسألة أصولية مهمة تخفى على الكثير، ويصعب عليهم فهمها، وهي مسألة تنقيح المناط، فلعلك أيها الكريم تتابع معي طريقة التعامل مع هذا الحديث لترى تطبيق تنقيح المناط.

المرحلة الأولى: جمع ألفاظ حديث سالم:

عن عائشة رضي الله عنها: أن أبا حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، وكان ممن شهد بدرا مع النبي صلى الله عليه وسلم، تبنى سالما، وأنكحه بنت أخيه هند بنت الوليد بن عتبة بن ربيعة وهو مولى لامرأة من الأنصار، كما " تبنى النبي صلى الله عليه وسلم زيدا، وكان من تبنى رجلا في الجاهلية دعاه الناس إليه وورث من ميراثه، حتى أنزل الله ﴿ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ﴾ [الأحزاب: 5] إلى قوله ﴿وَمَوَالِيكُمْ﴾ [الأحزاب:5]، فردوا إلى آبائهم، فمن لم يعلم له أب، كان مولى وأخا في الدين " فجاءت سهلة بنت سهيل بن عمرو القرشي ثم العامري - وهي امرأة أبي حذيفة بن عتبة - النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إنا كنا نرى سالما ولدا، وقد أنزل الله فيه ما قد علمت

1. "فقالت إني أرى في وجه أبي حذيفة من دخول سالم علي قال فأرضعيه قالت وكيف أرضعه وهو رجل كبير فقال ألست أعلم أنه رجل كبير ثم جاءت بعد فقالت والذي بعثك بالحق نبيا ما رأيت في وجه أبي حذيفة بعد شيئا أكره", وعن يحيى وربيعة عن القاسم عن عائشة قالت أمر النبي صلى الله عليه وسلم امرأة أبي حذيفة أن ترضع سالما مولى أبي حذيفة حتى تذهب غيرة أبي حذيفة فأرضعته وهو رجل قال ربيعة فكانت رخصة لسالم."يا رسول الله إني أرى في وجه أبي حذيفة الكراهية من دخول سالم علي".

2. وهو حليفه ومولاه.

3. إن سالما قد بلغ ما يبلغ الرجال وعقل ما عقلوا وإنه يدخل علينا وإني أظن أن في نفس أبي حذيفة من ذلك شيئا

4. إن سالما - لسالم مولى أبي حذيفة- معنا في بيتنا وقد بلغ ما يبلغ الرجال وعلم ما يعلم الرجال, وفي رواية قالت: "يا رسول الله إن سالما يدخل علينا" وفي رواية (عن عائشة أن سالما مولى أبي حذيفة كان مع أبي حذيفة وأهله في بيتهم).

5. قال ابن أبي مليكة : فمكثت حولا لا أحدث به ولقيت القاسم فقال حدث به ولا تهابه.

6. أتت سهلة ابنة سهيل بن عمرو فقالت: يا رسول الله إن سالما كان يدخل علي وأنا واضعة ثوبي ثم إنه يدخل علي الآن بعدما شب وكبر فأجد في نفسي من ذلك قال فأرضعيه فإن ذلك يذهب بالذي تجدين في نفسك.

7. حدثنا يعقوب قال حدثنا أبي عن ابن إسحاق قال حدثني الزهري عن عروة عن عائشة قالت أتت سهلة بنت سهيل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت له يا رسول الله إن سالما كان منا حيث قد علمت أنا كنا نعده ولدا فكان يدخل علي كيف شاء لا نحتشم منه فلما أنزل الله فيه وفي أشباهه ما أنزل أنكرت وجه أبي حذيفة إذا رآه يدخل علي قال فأرضعيه عشر رضعات ثم ليدخل عليك كيف شاء فإنما هو ابنك فكانت عائشة تراه عاما للمسلمين وكان من سواها من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يرى أنها كانت خاصة لسالم مولى أبي حذيفة الذي ذكرت سهلة من شأنه رخصة له.

8. عن عائشة قالت جاءت سهلة بنت سهيل بن عمرو وكانت تحت أبي حذيفة بن عتبة بن ربيعة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت إن سالما مولى أبي حذيفة يدخل علينا وأنا فضل وإنما نراه ولدا وكان أبو حذيفة تبناه كما تبنى النبي صلى الله عليه وسلم زيدا فأنزل الله تعالى ( ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله ) فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم عند ذلك أن ترضع سالما قال أبو محمد هذا لسالم خاصة, وفي رواية (وفي مسند أحمد حدثنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت جاءت سهلة بنت سهيل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت إن سالما كان يدعى لأبي حذيفة وإن الله عز وجل قد أنزل كتابه ( ادعوهم لآبائهم ) فكان يدخل علي وأنا فضل ونحن في منزل ضيق فقال أرضعي سالما تحرمي عليه) وفي سنن أبي داود ((عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وأم سلمة أن أبا حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس كان تبنى سالما وأنكحه ابنة أخيه هند بنت الوليد بن عتبة بن ربيعة وهو مولى لامرأة من الأنصار كما تبنى رسول الله صلى اللهم عليه وسلم زيدا وكان من تبنى رجلا في الجاهلية دعاه الناس إليه وورث ميراثه حتى أنزل الله سبحانه وتعالى في ذلك ( ادعوهم لآبائهم ) إلى قوله ( فإخوانكم في الدين ومواليكم ) فردوا إلى آبائهم فمن لم يعلم له أب كان مولى وأخا في الدين فجاءت سهلة بنت سهيل بن عمرو القرشي ثم العامري وهي امرأة أبي حذيفة فقالت يا رسول الله إنا كنا نرى سالما ولدا وكان يأوي معي ومع أبي حذيفة في بيت واحد ويراني فضلا وقد أنزل الله عز وجل فيهم ما قد علمت فكيف ترى فيه فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم أرضعيه فأرضعته خمس رضعات فكان بمنزلة ولدها من الرضاعة فبذلك كانت عائشة رضي الله عنها تأمر بنات أخواتها وبنات إخوتها أن يرضعن من أحبت عائشة أن يراها ويدخل عليها وإن كان كبيرا خمس رضعات ثم يدخل عليها, وأبت أم سلمة وسائر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أن يدخلن عليهن بتلك الرضاعة أحدا من الناس حتى يرضع في المهد وقلن لعائشة والله ما ندري لعلها كانت رخصة من النبي صلى الله عليه وسلم لسالم دون الناس.

المرحلة الثانية: أحاديث المخالفين:

o عن مسروق عن عائشة قالت دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم وعندي رجلٌ فقال يا عائشة من هذا قلت أخي من الرضاعة قال يا عائشة انظرن من إخوانكن فإنما الرضاعة من المجاعة

o وعن أم سلمة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحرم من الرضاعة إلا ما فتق الأمعاء في الثدي وكان قبل الفطام قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم أن الرضاعة لا تحرم إلا ما كان دون الحولين وما كان بعد الحولين الكاملين فإنه لا يحرم شيئا

o وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا رضاع إلا ما أنشز العظم, وأنبت اللحم. - رواه أبو داود ولا يحرم من الرضاع إلا ما أنبت اللحم وأنشز العظم موقوفا.

o وروى عبد الرزاق قال الزهري وكانت عائشة تفتي بأنه يحرم الرضاع بعد الفصال حتى ماتت وعن علي موقوفا ومرفوعا : «لا رضاع بعد فصال».

o وعن ابن عباس رضى الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :« لا يحرم من الرضاع إلا ما كان فى الحولين » والصواب الوقف.

فرع:

قال ابن حجر في الإصابة :" وكان أبو حذيفة قد تبناه كما تبنى رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة فكان أبو حذيفة يرى أنه ابنه فأنكحه ابنة أخيه فاطمة بنت الوليد بن عتبة فلما انزل الله ادعوهم لآبائهم رد كل أحد تبنى ابنا من أولئك إلى أبيه ومن لم يعرف أبوه رد إلى مواليه, وقال ابن دقيق العيد: "انظرن من إخوانكن" نوع من التعريض لخشية أن تكون رضاعة ذلك الشخص وقعت في حال الكبر.

وقال الصنعاني في سبل السلام:" وقال أبو عبيد معناه أنه الذي إذا جاع كان طعامه الذي يشبعه اللبن من الرضاع لا حيث يكون الغذاء بغير الرضاع وهو تعليل لإمعان التحقق في شأن الرضاع وبأن الرضاع الذي تثبت به الحرمة وتحل به الخلوة هو حيث يكون الرضيع طفلا يسد اللبن جوعه لأن معدته كمال يكفيها اللبن وينبت بذلك لحمه فيصير جزءا من المرضعة فيشترك في الحرمة مع أولادها فمعناه لا رضاعة معتبرة إلا المغنية عن المجاعة أو المطعمة من المجاعة .

المرحلة الثالثة: المرجحات:

§ مرجحات المثبتين لرضاع الكبير: 1/ ناقل عن الأصل - 2/ المثبت مقدم على النافي.

§ مرجحات النافين لرضاع الكبير: 1. كثرة الأدلة - 2. كثرة الرواة - 3. قول أكثر الصحابة, وعائشة رضي الله عنها مختلف فيه. -4. قول الجمهور. - 5. الرواية باللفظ - 6. تقديم القول على الفعل والفعل على التقرير - 7. المذكور فيه الحكم مع العلة - 8. الأحوط.

المرحلة الرابعة: تنقيح المناط في قصة سالم:

أولا: حصر الأوصاف التي في القصة بصفة عامة:

1) شهود بدر أو أي معركة من معارك الإسلام الكبرى, فقال: وكان ممن شهد بدرا.

2) أن يكون قد تبناه زوج المرضعة: تبنى سالما, فادعاه ابنا له يدعى إليه فيقال: سالم بن أبي حذيفة.

3) زوج المرضعة زوّج الراضع قريبته: وأنكحه بنت أخيه هند بنت الوليد بن عتبة بن ربيعة.

4) أن يكون الراضع مولى من الموالي: وهو مولى لامرأة من الأنصار, وهو حليف زوج المرضعة التي سترُضِعه: هو حليفه ومولاه.

5) الراضع لا نعلم له أباً: فمن لم يعلم له أب، كان مولى وأخا في الدين, وهكذا كان سالم.

6) المرضعة ترى الراضع لها ولدا: فقالت: يا رسول الله إنا كنا نرى سالما ولدا، وقد أنزل الله فيه ما قد علمت.

7) المرضعة ترى في وجه زوجها غيرةً من دخول هذا الرجل بيته, والزوجة في نفسها شيء من دخوله: فقالت إني أرى في وجه أبي حذيفة من دخول سالم علي - حتى تذهب غيرة أبي حذيفة - ثم إنه يدخل علي الآن بعدما شب وكبر فأجد في نفسي من ذلك.

8) الراضع يدخل كثيرا على المرضعة وأهلها: إن سالما قد بلغ ما يبلغ الرجال وعقل ما عقلوا وإنه يدخل علينا, وكنا لا نحتشم منه.

9) ليس له سكن إلا في بيت زوج المرضعة والمرضعة: "معنا في بيتنا", " كان مع أبي حذيفة وأهله في بيتهم)" فأصبح من أهل البيت, وليس وجوده في البيت مؤقتاً, وليس خادما ولا عاملا فترة من الزمن, وإلا جاز رضاع عمال البناء والأثاث الذين يجلسون عندك يعملون في بيتك شهرا, وهكذا.

10) عاش معهم وهو طفل وترعرع وكبر وشب وأصبح رجلا وهو في هذا البيت, وليس له بيت ولا مأوى سوى هذا البيت, فأين يذهب فقد يضيع أو يعاني جدا عند فراق البيت وهو يراهم أهله: يا رسول الله إن سالما كان يدخل علي وأنا واضعة ثوبي ثم إنه يدخل علي الآن بعدما شب وكبر.

11) كانوا يحسبونه ولدهم: يا رسول الله إن سالما كان منا حيث قد علمت أنا كنا نعده ولدا.

12) لو كان المنزل واسعا فيمكن أن يسكن في طرف من هذا المسكن, ولكنه صغير: "ونحن في منزل ضيق".

ثانيا: الأوصاف الطردية غير المؤثرة:

1. شهود بدر أو أي معركة من معارك الإسلام, فهذه لا علاقة لها بالرضاع.

2. الراضع لا نعلم له أباً: فمن لم يعلم له أب، كان مولى وأخا في الدين, وهكذا كان سالم.

3. زوج المرضعة زوّج الراضع قريبته: وأنكحه بنت أخيه هند بنت الوليد بن عتبة بن ربيعة.

ثالثا: الأوصاف المؤثرة في إرضاع الكبير:

1) المرضعة ترى الراضع لها ولدا: فقالت: يا رسول الله إنا كنا نرى سالما ولدا، وقد أنزل الله فيه ما قد علمت.

2) المرضعة ترى في وجه زوجها غيرةً من دخول هذا الرجل بيته, والزوجة في نفسها شيء من دخوله: فقالت إني أرى في وجه أبي حذيفة من دخول سالم علي - حتى تذهب غيرة أبي حذيفة - ثم إنه يدخل علي الآن بعدما شب وكبر فأجد في نفسي من ذلك.

3) الراضع يدخل كثيرا على المرضعة وأهلها: إن سالما قد بلغ ما يبلغ الرجال وعقل ما عقلوا وإنه يدخل علينا, وكنا لا نحتشم منه.

4) ليس له سكن إلا في بيت زوج المرضعة والمرضعة: "معنا في بيتنا", " كان مع أبي حذيفة وأهله في بيتهم" فأصبح من أهل البيت, وليس وجوده في البيت مؤقتاً, وليس خادما ولا عاملا فترة من الزمن, وإلا جاز رضاع عمال البناء والأثاث الذين يجلسون عندك يعملون في بيتك شهرا, وهكذا.

5) عاش معهم وهو طفل وترعرع وكبر وشب وأصبح رجلا وهو في هذا البيت, وليس له بيت ولا مأوى سوى هذا البيت, فأين يذهب فقد يضيع أو يعاني جدا عند فراق البيت وهو يراهم أهله: يا رسول الله إن سالما كان يدخل علي وأنا واضعة ثوبي ثم إنه يدخل علي الآن بعدما شب وكبر, وهم فيحتاجونه كثيرا وقد يعانون عند غيابه, وهذا العذر مستمر.

6) كانوا يحسبونه ولدهم: يا رسول الله إن سالما كان منا حيث قد علمت أنا كنا نعده ولدا.

رابعا: الأوصاف المحتملة للتأثير في الحكم, وتحتمل عدم التأثير:

v أن يكون قد تبناه زوج المرضعة: تبنى سالما, فادعاه ابنا له يدعى إليه فيقال: سالم بن أبي حذيفة.

فقضية التبني لما ألغاها الشرع, كان هؤلاء الأولاد ليس لهم مأوى فاحتاجوا لمأوى, وهي بيوت من تبنوهم, فكان الحل الشرعي لبقائهم في بيوت المتبنين لا بد من سبب وكان الرضاع هو الحل, فكان التعليل بهذا الوصف له وجه قوي.

v أن يكون الراضع مولى من الموالي: وهو مولى لامرأة من الأنصار.

كونه مولى أو ليس بمولى محتملة, ولعله احتمال ضعيف, لأنه حر أو عبد, أو عتيق لا أثر له في الحكم ولا على سالم أو غيره بالذات, ويحتمل أنهلما كان مولى فلا مقر له إلآ عند سيده وإلا فأين يذهب, ولذلك اشترط بعض الفقهاء سلامة الأعضاء وكونه شابا في العتق على المريض ومن كان أقطع لأنه سيقوم بنفسه, وسيبدأ حياة جديدة في عام الحرية, ولأنه قد يعتقه فيضره, ولذلك فإن هذا الوصف له وجه قوي في الاعتبار.

v لو كان المنزل واسعا فيمكن أن يسكن في طرف من هذا المسكن, ولكنه صغير: "ونحن في منزل ضيق".

وهذا وجيه ولو كان محتملا, لأن المنزل له دور في دخوله ومقابلته لأهل البيت كثيرا فيكون عليهم حرج في التنقل فيلزم أنه سيلاقونه كثيرا وهذا يضرهم فناسب أن تجعل الشريعة لهم حلا وهو الرضاع.

ومع هذه المواصفات يجب أن يبقى سالم في البيت, ولا أتصور أن الشريعة يغيب عنها حل لمشكلة سالم فما حل هذه المشكلة ليكون من أهل هذا البيت: وهنا أمرها النبي صلى الله عليه وسلم كحلٍّ لمشكلتها أن ترضعه.

والخلاصة: أن العلل المعتبرة هي المؤثرة, مع العلل المحتملة ولها وجه قوي من النظر، وأما العلل الطردية والمحتملة الضعيفة فلا تأثير لها في الحكم.

بقي أمر واحد، وهو: هل هذه العلل متعددة أم أنها مركبة من أجزاء، والظاهر أنها علة مركبة من كل هذه الأجزاء، لأن الحادثة واحدة ولو تعددت الحوادث لاعتبرناها بعلل متعددة، فدل على أنها علة مركبة من كل هذه الأجزاء.


التعليقات : 0 تعليق

إضافة تعليق


 

/500

روابط ذات صلة

المقال السابق
المقالات المتشابهة المقال التالي